U3F1ZWV6ZTQ4Nzc4ODUyNzU0MzEyX0ZyZWUzMDc3MzkxODI2NjkwOA==

المذنب الذي يسبح في أنهار الجنة _ مقالات إسلامية

 

المذنب الذي يسبح في أنهار الجنة _ مقالات إسلامية

المذنب الذي يسبح في أنهار الجنة 

للشيخ عبدالباسط الهواري

 عن بريدة _ رضي الله عنه _ قال : 

جاء ماعز بن مالك إلي النبي (ﷺ) فقال : يارسول الله طهرني

فقال : ( ويحك ارجع فاستغفر الله وتب إليه ) . قال : فرجع غير بعيد , ثم جاء فقال : يا رسول الله طهرني ,

فقال رسول الله (ﷺ) : ( ارجع فاستغفر الله وتب إليه ) .

قال : فرجع غير بعيد : ثم جار فقال : يا رسول الله طهرني , فقال رسول الله (ﷺ) مثل ذالك . حتي كانت الرابعة قال له رسول الله (ﷺ)

( فيم أطهرك ؟ ) فقال : ( من الزني ) , فسأل رسول الله (ﷺ)

قال : ( أبه جنون ؟ ) فأخبر أنه ليس بمجنون , فقال : ( أشرب خمرا ؟ ) فقام رجل فاستنكهه فلم يجد منه ريح الخمر .

قال : فقال رسول الله (ﷺ) : ( أزنيت ) فقال : ( نعم ) , فأمر به فرجم

, فكان الناس فيه فرقتين : قائل يقول : لقد هلك لقد أحاطت به خطيئته , وقائل يقول : ما توبة أفضل من توبة ماعز أنه جاء إلي النبي ( ﷺ ) ,

فوضع يده في يده ثم قال أقتلني بالحجارة . قال : فلبثوا بذالك يومين أو ثلاثة ثم جاء رسول الله ( ﷺ ) وهم جلوس فسلم ثم جلس فقال :

( استغفروا لماعز بن مالك ) قال : فقالوا : غفر الله لماعز بن مالك ,

قال : فقال : رسول الله ( ﷺ ) : ( لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لوسعتهم ) . وفي رواية ( لقد رأيته بين أنهار الجنة ينغمس )

قال أبو هريرة : يعني يتنعم .

وفي رواية أخري : ( فقد رأيته يتخضخض في أنهار الجنة ! ) .


أخي المسلم :

من هو ماعز ؟ 

هو : ماعز بن مالك الأسلمي _ رضي الله عنه _ وكان غلاما يتيما في حجر ( هزال بن نعيم ) . وصفه جابر بن سمرة _ رضي الله عنه _ فقال : ( رأيت ماعز بن مالك حين جئ به إلي النبي ( ﷺ ) رجل قصير أعضل ليس علية رداء ..... ) .

وفي رواية أخري , قال : ( أتي رسول الله (ﷺ) برجل قصير أشعث ذي عضلات عليه إزار ...... )

شهد له قومه بالصلاح : ففي ( صحيح مسلم )

أن رسول الله (ﷺ) أرسل إلي قومه ,

فقال : ( أتعلمون بعقله بأسا تنكرون منه شيئا )

فقالوا : ( ما نعلمه إلا وفي العقل من صالحينا فيما نري .... ) .



ما هي قصته ؟

إن قصته تحرك الوجدان .

لقد بكيت وأنا أتابع اللحظات الأخير من مسيرة حياته .

إنه نموذج أعلي في الإخلاص , وصورة صادقة في الضمير الحي

في لحظة أصابه وهن العزيمة ,

فانكسرت نفسه أمام شهوته ,

فأصاب جارية من الحي ,

ثم ماذا ؟

ثم هاج عليه ضميره ,

فدارت به الأرض ,

وضاقت عليه بما رحبت ,

وضاقت عليه نفسه ,

وعزم علي محو العار , ولكن كيف السبيل ؟

السبيل الوحيد : أن يذهب إلي النبي (ﷺ) ,

فيضع نفسه وذنبه بين يديه , ليري النبي (ﷺ) فيه أمر الله تعالي .

لقد كان ماعز يعرف أن أعترافه سيؤدي إلي شيوع خبره ,

واشتهار أمره , وسوف تتناقله الأجيال المتعاقبة .

كما كان يعلم أن اعترافه سيعرضه للرجم حتي الموت .

إلا أن كل هذا لا يضر أمام نيل مغفرة الله تعالي له !

كان علي يقين أن فضيحة الدنيا , أهون من فضيحة الأخرة ,

فانطلق _ رضي الله عنه _ إلي رسول الله (ﷺ) ولما وصل إليه ,

وجلس بين يديه دار هذا الحوار :

قال ماعز : يارسول الله إني زنيت فأقم علي كت.

فأعرض عنه , فعاد فقال : يارسول الله إني زنيت فأقم علي كتاب الله .

فأعرض عنه , فعاد فقال : يارسول الله إني زنيت فأقم علي كتاب الله .

فأعرض عنه , فعاد فقال : يارسول الله إني زنيت فأقم علي كتاب الله .

حتي قالها أربع مرات .

فقال له رسول الله (ﷺ) : ( لعلك قبلت أو عمزت أو نظرت ؟ )

قال : لا .

فسأله رسول الله باللفظ الصريح الذي معناه ( الجماع ) فقال : نعم .

قال : ( حتي غاب ذالك منك في ذالك منها ؟ ) .

قال : نعم .

قال : ( كما يغيب الميل في المكحلة والرشاء في البئر ؟ )

قال : نعم .

فسأله النبي (ﷺ) : ( هل تدري ما الزني ؟ ) .

قال : نعم أتيت منها حراما ما يأتي الرجل من أهله حلالا .

فقال له الني ( ﷺ ) : ( أبك جنون ؟ ) .

قال : ( أحصنت ؟ ) .

قال : نعم .

فسأل النبي (ﷺ) من حوله : ( أبه جنون ؟ ) ,

فأخبر أنه ليس به جنون .

فقال : ( أشرب خمرا ؟ ) ,

فقام رجل فاستنكهه _ شم رائحة فمه _ فلم يجد منه ريح خمر .

فأرسل رسول الله (ﷺ) إلي قومه ,

فقال : ( أتعلمون بعقله بأسا تنكرون منه شيئا ؟ ) .

فقالوا : ( ما نعلمه إلا وفي العقل من صالحينا فيما نري ) .

وفي رواية : ما نعلم به بأسا ,

إلا أنه أصاب شيئا يري أنه لا يخرجه منه إلا أن يقام فيه الحد .

قال أبو سعيد الخدري _ رضي الله عنهم _

( فأمرنا رسول الله (ﷺ) أن نرجمه فخرجنا به إلي البقيع ,

فما أوثقناه , والا حفرنا له , فرميناه بالعظم والمدر والخزف ,

قال : فاشتد واشتددنا خلفه حتي أتي عرض الحرة ,

فانتصب لنا فرميناه بجلاميد الحرة , _ يعني الحجارة _ حتي سكت ) .


أخي الكريم :

وأطفأت الحجارة نار ذنب ماعز , وخرجت الروح الطيبة إلي ربها راضية مرضية , لتسعد هناك سعادة لا شقاء بعدها أبدا .

لقد نال التائب الصادق ما تمني .


اقرأ :

عن أبي هريرة _ رضي الله عنه _ قال : 

سمع رسول الله (ﷺ) رجلين من أصحابه _ بعد رجم ماعز _ يقول أحدهما لصاحبه : أنظر إلي هذا الذي ستر الله عليه فلم تدعه نفسه حتي رجم رجم الكلب , فسكت عنهما , ثم سار ساعة حتي مر بجيفة حمار شائل برجله , فقال : ( أين فلان وفلان ؟ ) .

فقالا : نحن ذان يارسول الله .

فقال : ( أنزلا فكلا من جيفة هذا الحمار ) .

فقالا : يا نبي الله من يأكل من هذا ؟

قال : ( فما نلتما من عرض أخيكما أنفا أشد من أكل منه ,

والذي نفسي بيده إنه الأن لفي أنهار الجنة ينغمس فيها ) .

فنم يا ماعز في قبرك قرير العين . والعاقبة للتقوي .


أخي الكريم :

إن الحد محاء للخطايا :

عن عبادة بن الصامت _ رضي الله عنه _ قال :

كنا مع رسول الله (ﷺ) في مجلس فقال :

( تبايعوني علي أن ألا تشركوا بالله شيئا , ولا تزنوا , ولا تسرقوا , ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق , فمن وفي منكم فأجره علي الله , ومن أصاب شيئا من ذالك فعوقب به فهو كفارة له , ومن أصاب شيئا من ذالك فستره الله علية فأمره إلي الله إن شاء عفا عنه , و‘ن شاء عذبه ) .



هل صلي النبي (ﷺ) علي ماعز ؟ )

الراجح _ والله أعلم _ أن النبي (ﷺ) صلي عليه : فعن جابر :

أن رجى من أسلم جاء النبي (ﷺ) فاعترف بالزنا ,

فأعرض عنه النبي (ﷺ) حتي شهد علي نفسه أربع مرات ,

فقال له النبي (ﷺ) : (أبك جنون؟) .

قال : لا .

قال : ( أحصنت ؟ ) .

قال : نعم .

فأمر به فرجم بالمصلي , فلما أذلقته الحجارة فر , فأدرك ,

فرجم حتي مات , فقال له النبي (ﷺ) خيرا وصلي عليه ) .

وفي سنن أبي داود :

( فقال له النبي (ﷺ) خيرا ولم يصل عليه ) .

وقد أخرج عبدالرزاق من وجه أخر عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف في قصة ماعز بن مالك قال : فقيل : يارسول الله أتصلي عليه ؟ : قال (لا) , قال : فلما كان من الغد قال :

( صلوا علي صاحبكم ) فصلي عليه رسول الله والناس .


قال في (عون المعبود) :

(فهذا الخبر يجمع الاختلاف فتحمل رواية النفي علي أنه لم يصل عليه حين رجم , ورواية الأثبات علي أنه (ﷺ) صلي عليه في اليوم الثاني ) .


عزيزي القارئ إلي هنا نكون قد انتهينا من قصة ماعز بن مالك _ رضي الله عنه _ وهي قصة صحيحة وردت عن رسول الله (ﷺ) وإن شاء الله في المقالة القادمة سوف نتحدث فوائد هذة القصة الجميلة .

ولمعرفة الأحاديث التي استندنا عليها في تلك القصة أضغط هنا

كتاب _ قصص الرسول (ﷺ)

لسعيد يوسف أبوعزيز


ولسماع شرح تلك القصة بأسلوب مميز ومفهوم فنوصي بسماع تلك الخطبة لفضيلة الشيخ عبدالباسط الهواري .



رابط الفيديو علي اليوتيوب 

https://youtu.be/7Mu5pdGbP6c

والسلام علي من قرأ واستمع واتبع وانتفع .



تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة